Chapter 13: تصدّع الدائرة
زهرة اللامرئي
دينا عزيز
9/17/2025
379 words
جلس مروان في غرفته، يكتب كلمات مبعثرة في دفتره، لكن عقله كان مثقلًا بصورة ليان وهي تختفي بين عوالمٍ لا يفهمها. لم يمضِ وقت طويل حتى سمع طرقًا سريعًا على الباب. فتحه، فوجد سلمى واقفة، وجهها شاحب وعيناها مذعورتان.
قالت بصوتٍ مرتجف:
— مروان... شيء غريب حدث لي الليلة.
دخلت دون استئذان وجلست على الكرسي. وضعت دفترها على الطاولة، ارتبك مروان حين رأى الكلمات المكتوبة بخطٍ داكن:
"المرة القادمه، لن تنجين."
رفع رأسه نحوها:
— من كتب هذا؟
صرخت:
— لا أعرف! لم ألمس القلم. كان الدفتر فارغًا... ثم امتلأ وحده.
شعر مروان بالبرد يزحف في أطرافه. جلس بجانبها محاولًا تهدئتها:
— سلمى... الأمر ليس من صنعك. هناك... هناك قوة أخرى.
لكن قبل أن يكمل، سمع صوتًا آخر عند الباب. كان الشيخ ناصر، يحمل في يده وردة سوداء، يمدها نحو مروان. قال بصوتٍ متقطع:
— وجدتها أمام دكاني... بعد أن رأيت الظل.
تبادل الثلاثة النظرات. بدا الخوف واضحًا، لكن الأشد كان الصمت الذي تبع ذلك: كلهم فهموا أن الأمر أكبر من مجرد "خيالات".
جلس الشيخ ناصر ببطء، ووضع الوردة على الطاولة بجانب دفتر سلمى. الوردة والكتابة السوداء بدتا كعلامتين متقابلتين من نفس اليد.
قال الشيخ وهو ينظر لمروان:
— ما الذي جرّنا إليه، يا بني؟ منذ أن دخلت ذلك البيت ونحن نُطارد بشيءٍ ليس من عالمنا.
خفض مروان رأسه، كلمات الشيخ تضرب قلبه كالسياط. شعر بالذنب يثقل صدره. قال ببطء:
— لم أقصد أن أؤذيكم. كل ما أردته هو... أن أكتب. أن أفهم.
لكن سلمى رفعت صوتها فجأة:
— الأمر ليس عنك وحدك يا مروان! حياتنا الآن في خطر. ظلال تتحدث في رأسي، وتهددني بالعدم. ألا تفهم؟
سكت، نظر إلى يديها المرتجفتين، ثم إلى الشيخ الذي كان يحدق في الفراغ. أحسّ فجأة أنه فقد السيطرة على زمام الأمور. لم يعد الخطر محصورًا به وليان، بل انسحب ليشمل أحب الناس إليه.
وقف وقال بحزم، رغم خوفه:
— إذن لا مفر. يجب أن أواجه الحقيقة. يجب أن أواجه... عاصم.
ارتجفت سلمى:
— من هو عاصم؟
تردد مروان لحظة، لكنه أجاب:
— جني... قديم، يطمع في ليان.
ساد صمت ثقيل. الكلمات وقعت بينهم كصخرة. بدا أن الحاجز الأخير بين واقعهم واللامعقول قد انهار.
الشيخ ناصر تنحنح، ثم قال بنبرة حزينة:
— إن كان هذا صحيحًا، فاعلم أن المواجهة لن تكون سهلة. هؤلاء لا يرحمون.
رفع مروان عينيه، بريق التحدي يلمع فيهما:
— لكنني لن أترككم وحدكم. ولن أترك ليان تسقط في قبضته.
Advertisement
No comments yet. Be the first to share your thoughts!