Chapter 24: الخيار الأخير
زهرة اللامرئي
دينا عزيز
9/17/2025
398 words
خرج الثلاثة من دوامة النور إلى أرضٍ تتصدّع تحت أقدامهم. لم يكن هذا عالم الجنّ ولا عالم البشر؛ بل مساحة عالقة بين الاثنين، تتناثر فيها شظايا من المدينتين: شارع مألوف نصفه يذوب في صحراء زجاجية، وأبراجٌ بشرية تتشابك مع أشجارٍ متوهجة.
في السماء، ارتسم الشرخ كالجرح، يزداد اتساعًا كل لحظة. كلما تمدّد، انسكبت منه ظلال جديدة تهدد بابتلاع كل شيء.
قالت ليان بصوت متهدّج:
— الآن ندفع الثمن. إما أن نغلق الشرخ... أو ينتهي العالمان.
سلمى قبضت على دفترها:
— كيف؟
ليان نظرت إلى الوردة في يد مروان، التي ما زالت تنبض بنور خافت:
— الوردة قادرة على غلق الشرخ، لكن الثمن أن من يستخدمها سيتلاشى... سيصبح جزءًا من الجسر الذي يسدّ الفجوة.
ساد صمت ثقيل. الريح تحمل معها أصواتًا باكية، كأنها تعرف القرار.
مروان رفع الوردة، عينيه مثبتتان على السماء:
— سأفعلها. منذ البداية كنت غريبًا بين العالمين. إذا كان هذا قدري، فلأكمله.
صرخت ليان وأمسكت يده:
— لا! لست وحدك. لولاك تعلّمت أن الحرية ممكنة. لن أسمح أن أراك تفنى.
سلمى تقدمت، عيناها دامعتان:
— وإن اخترت أنا؟ كتاباتي لم تكن أبدًا من أجلي وحدي... ربما دوري أن أكتب نهايتي هنا.
مروان هز رأسه بحزم:
— لا، أنتِ الشاهدة. إن بقيتِ، فقصتنا لن تضيع.
لحظة صمت أخرى، ثم ابتسم ابتسامة خفيفة، موجّهًا كلامه لليان:
— الحب الذي علّمتِني إياه ليس زائلًا... سيبقى فيكِ، وسيبقى في كلمات سلمى.
حاولت ليان منعه، لكن الوردة اشتعلت فجأة بين يديه، كأنها عرفت اختياره.
تقدّم بخطوات ثابتة نحو الشرخ، رفع الوردة عاليًا، فانطلقت منها جذور نور امتدت كالستائر، تسدّ الفجوة شيئًا فشيئًا.
الأرض اهتزت، والسماء أضاءت بوميض أبيض. مروان صار وسط النور، جسده يتلاشى تدريجيًا، لكن ملامحه هادئة، كأنه أخيرًا وجد مكانه.
قال صوته، يتردد في أرجاء المكان:
— لا تبحثوا عني في الظل... بل في الكلمات، وفي الوردة التي لا تذبل.
ثم اختفى تمامًا.
انغلق الشرخ ببطء، ومعه سكنت الأرض. السماء عادت صافية.
ليان انهارت على ركبتيها، دموعها تتساقط، لكن بين يديها بقيت الوردة، لا تحترق ولا تذبل، بل تنبض كقلب صغير.
سلمى وضعت يدها على كتفها:
— سنحكي قصته. لن يكون ضائعًا.
رفعت ليان الوردة إلى صدرها، وهمست:
— لم يمت... هو الجسر الذي عبرنا بفضله.
المشهد الأخير:
بعد أسابيع، في غرفة مروان الفارغة، جلست سلمى أمام مكتبه. على الطاولة وُجدت الوردة الغريبة، وإلى جانبها دفتر جديد مفتوح على الصفحة الأولى، مكتوب فيها بخط واضح:
"إلى من يقرؤها... هذه حكاية حبٍّ بين عالمين، وخيارٍ صنع مصيرًا جديدًا."
ابتسمت سلمى رغم دموعها، وأدركت أن القصة لم تنتهِ... بل بدأت للتو......
Advertisement
Next
No comments yet. Be the first to share your thoughts!