Chapter 11: خطة عاصم

زهرة اللامرئي 249 words
في العتمة ما بين العوالم، حيث لا ليل ولا نهار، وقف عاصم وحده. جسده المكوّن من ظلٍ متماوج بدا وكأنه يتغذى من الغضب ذاته. كانت عيناه، جمراً مشتعلاً، تحدّقان في دائرةٍ من ضوءٍ باهت تظهر أمامه. في تلك الدائرة، رأى ليان تقف إلى جوار مروان، يداها المرتعشتان تلمسانه كما لو كانا جسدًا واحدًا. ضغط قبضته حتى تكسرت أطراف الظلال المتجمعة حوله كالزجاج: — ليان... تعصين قوانين عالمك من أجل بشري؟ من خلفه، ظهرت ظلال أخرى، صغيرة وضعيفة، كأنها خدم أو أتباع. انحنوا أمامه بصمت، ينتظرون أوامره. قال بصوتٍ أجش: — لن أسمح لها أن تختار طريقها. ستعود إليّ، أو سأجعل عالم البشر قبرًا لها وله. اقترب واحد من الأتباع، صوته همهمة أشبه برياح: — سيدي، ماذا تأمرنا؟ ابتسم عاصم ابتسامة مظلمة: — سنبدأ من أضعف حلقاتهم. أصدقاؤه... الفتاة التي تحمل الدفتر، والشيخ العجوز الذي يظن أنه يعرف الأسرار. سنزرع الخوف في قلوبهم، ثم ننتزعهم واحدًا واحدًا. عندما ينهار سند مروان، ستضطر ليان للاختيار. رفع يديه، وبدأ يرسم بإصبعه في الهواء دوائر من دخانٍ أسود. الدوائر تحولت إلى صور: سلمى جالسة في المقهى، رأسها منحنٍ فوق دفترها. الشيخ ناصر أمام دكانه المغلق، مسبحته بين أصابعه. ضحك عاصم، ضحكة هزّت الفراغ: — سأجعلهم يرون ما لا يحتملون. سأجعلهم يصرخون باسمه ويلعنونه. عندها، لن يبقى له سوى أنا. ثم التفت نحو أتباعه: — اذهبوا... وابدأوا اللعبة. انطلقت الظلال من حوله كأسراب غربان، تمزق الفضاء، تتسرب إلى العالم البشري. بقي عاصم وحيدًا، يضع يده على صدره كأنه يحاول كبح نيرانًا قديمة. همس لنفسه: — ليان، كنتِ لي منذ البداية... ولن يسرقك مني بشر.

Comments (0)

Login to leave a comment

No comments yet. Be the first to share your thoughts!