Chapter 19: امتحان المفاتيح

كان عبورهم عبر المرآة أشبه بالغرق في بحر من زجاج سائل. لحظة واحدة شعروا أنهم يتفتتون، ثم وجدوا أنفسهم في قاعة شاسعة بلا جدران، سقفها سماء من زجاج داكن يتشقّق ببطء، وأرضها مغطاة ببحيرات من ضوء وأخرى من ظل. وقفوا متلاصقين، وقلوبهم تخفق على إيقاع غير مألوف. وفجأة، انقسم الطريق أمامهم إلى ثلاث ممرات، كل ممرّ يضيء بلون مختلف: أحمر، أزرق، أخضر. قالت ليان بقلق: — هذا ليس عالمه بعد... هذه بوابة الامتحان. علينا أن نثبت أننا مفاتيح حقيقية، لا مجرد متطفلين. اقترب مروان من الممر الأحمر. ما إن خطا داخله، حتى وجد نفسه في بيت الطفولة. رائحة أمه تعبق في الممر، وصوت أبيه يوبّخه: — أنت ضعيف، يا مروان... الحلم لا يطعم خبزًا. ثم ظهر ظلٌ لعاصم يضحك: — كيف تحمي من تحب وأنت لا تؤمن بنفسك؟ أحس مروان أن جدران البيت تنطبق عليه. قلبه يتسارع، لكنه تشبّث بذكرى الوردة الغريبة. رفعها أمامه وقال بصوت قوي: — لست ضعيفًا... قوّتي أنني أختار رغم خوفي. عندها، تفتت البيت، وتحول الظل إلى غبار. الباب الأزرق انفتح أمامه ليعود للقاعة. أما سلمى، فقد دخلت الممر الأزرق. وجدت نفسها في قاعة محكمة، الناس كلهم يضحكون ساخرين وهي تمسك بدفترها. القاضي يصرخ: — كلماتك لا تساوي شيئًا! الحبر يتبخر! دفترها بدأ يحترق، لكنها صرخت وهي تضمه لصدرها: — حتى لو ضاع الدفتر... القصة في داخلي. وفجأة تحولت النيران إلى فراشات من نور، رفرفت حتى ملأت القاعة، وأسكتت القاضي والجمهور. الممر أضاء، وعادت إلى القاعة الكبرى. ليان دخلت الممر الأخضر. وجدت نفسها مربوطة بسلاسل ذهبية، محاطة بمجلس جنّي ضخم. أصواتهم تتردد: — خنتِ عهدنا! اخترتِ بشريًا على عالمك. لا مفر من العقاب! شعرت بجسدها يتفتت. ثم رأت في وسط القاعة صورة مروان، يمد يده نحوها. أغمضت عينيها وتمتمت: — لا أريد عالماً بلا حرية... ولا حبًّا بلا اختيار. بكلمة "اختيار"، انكسرت السلاسل، والمجلس تلاشى مثل دخان. وعادت لتجد مروان وسلمى ينتظرانها. اجتمعوا من جديد، وقد تغيّر في أعماقهم شيء لا يمكن الرجوع عنه. في قلب القاعة، ظهرت بوابة جديدة، هذه المرة بُنيت من دوامات من ضوء وظلام معًا. قالت ليان بجدية: — لقد اجتزنا الامتحان. من هنا... سنواجه عاصم. وسلمى رفعت دفترها كمن يرفع سيفًا. ثم خطوا جميعًا نحو البوابة