Chapter 23: معركة الظلال

زهرة اللامرئي 357 words
انفجرت القاعة بالنور والظلام معًا، كأنهما جيشان يتصارعان فوق نفس الأرض. الوردة في يد مروان صارت أشبه بسيف من ضوء، بينما عاصم اتخذ شكلًا هائلًا، جسده كتلة متحركة من دخان أسود، تتخللها عيون متقدة مثل شظايا جمر. صرخ بصوت يزلزل: — أنتم ثلاثة... وأنا جوقة من آلاف الأصوات! وانطلقت من جسده آلاف الأذرع الظلية، كل واحدة منها تحمل وجوهًا تصرخ، كأنها أرواح محبوسة. مروان لوّح بالوردة، فانطلقت منها دوائر ضوء صدّت الموجة الأولى. ليان رفعت يديها، فأطلقت خيوطًا خضراء تشبه الجذور، التفّت حول بعض الأذرع، وحبستها. أما سلمى، فقد فتحت دفترها، وكتبت بسرعة حتى سال الحبر على أصابعها، ثم صرخت: — "لن يبتلعنا الظل، نحن من نكتب نهايته!" الكلمات تحولت إلى طيور بيضاء، هاجمت الظلال وبدّدت بعضها. لكن عاصم كان أضخم من أن يُهزم بسهولة. صوته ملأ الأفق: — ما تفعلونه مجرّد شذرات. سألتهمكم واحدًا واحدًا! وفجأة، انشقت الأرض تحت مروان، وظهرت صورة مشوّهة له، نسخة مظلمة ترتدي وجهه وتهمس: — أنت لا تستحقها... لا تستحق ليان ولا قوتك. أنت مجرد حلم ضائع. مروان ارتجف للحظة، لكن ليان وضعت يدها على كتفه وقالت: — لا تصغِ... أنت اخترت أن تكون مختلفًا، وهذا ما يجعلك قويًا. صرخ مروان وردته تتوهج: — لستُ ظلًّا... أنا أنا! وانفجرت النسخة المظلمة إلى غبار. عاصم تراجع قليلًا، لكن الغضب في عينيه تضاعف: — لا تفهمون... الخوف أساس كل شيء. بدونه، لا يوجد إنسان ولا جنّي. أنتم تحاربون طبيعة الوجود نفسه! سلمى ردت، صوتها يعلو رغم رعشة يديها: — لا... الخوف جزء، لكنه ليس الكل. هناك الحب، والحرية، والإرادة. هذا ما يربطنا الآن. وبينما نطقت كلماتها، الوردة، والكتابة، وخيوط ليان الخضراء اندمجت في دوامة نور هائلة. اندفعوا معًا نحو عاصم، النور يطغى على الظلام. جسده بدأ يتفتت، عيون الأرواح فيه تصرخ وتتحرر، تتلاشى في الفضاء. صرخ صرخة أخيرة، مزيج من غضب واستسلام: — أنتم... تحطمون توازن العوالم! ثم انفجر جسده في دوامة من الظلال، ابتلعتها الوردة، حتى لم يبقَ منه سوى صدى يتلاشى. صمت عميق خيّم على المكان. القصر المظلم بدأ ينهار من حولهم، لكن الوردة قادتهم نحو ممر من نور، فتح أمامهم كطريق نجاة. مروان قال وهو يلهث: — لم ينتهِ بعد... الشرخ ما زال مفتوحًا. علينا أن نغلقه. ليان أومأت، وسلمى أغلقت دفترها بحزم. لقد عرفوا أن الخطوة الأخيرة هي الأصعب

Comments (0)

Login to leave a comment

No comments yet. Be the first to share your thoughts!