Chapter 15: بوادر العاصفة

زهرة اللامرئي 314 words
منذ تلك الليلة، تغيّر كل شيء في المدينة. لم يعد الليل ساكنًا كما اعتاد الناس، بل امتلأ بظلال تتحرك عند أطراف العيون، ثم تختفي حالما يحاول المرء النظر إليها مباشرة. في الصباح، تحدث الجيران عن أصوات غريبة تُسمع من الشوارع الخالية: همسات تشبه الدعاء المقلوب، صرير أبواب لا تُفتح، وخطوات ثقيلة في الأزقة دون أن يُرى أحد. سلمى كانت أول من لاحظ أن الظواهر لم تعد محصورة بها وبالشيخ ناصر؛ لقد بدأت تتسع. في المقهى، سمعت زبائن يتحدثون بخوف: — رأيت قطّتي تنظر إلى الجدار لساعات... وكأن شيئًا يقف هناك. — وأنا وجدت مرآتي ممتلئة بشقوق لم تكن موجودة... لكنها تختفي حين ألمسها. كل شيء بدا إشارة إلى اقتراب شيء أكبر. في مساء اليوم نفسه، اجتمع الأربعة — مروان، سلمى، الشيخ ناصر، وليان — في الغرفة الضيقة التي صارت مركزهم السري. جلسوا في دائرة، والوردة السوداء والدفتر الغريب في الوسط. قالت سلمى: — الأمر لم يعد يخصّنا وحدنا. المدينة كلّها بدأت تتأثر. أومأت ليان، عيناها تلمعان بقلق: — هذا ما يفعله عاصم. إنه يختبر الحاجز، يوسّع الشرخ شيئًا فشيئًا. كلما زادت الظواهر، اقترب أكثر من هدفه. الشيخ ناصر تمتم: — كمن يدق جدارًا قديمًا بالمطرقة... كل ضربة تُضعف البناء. مروان، الذي ظل صامتًا، رفع رأسه فجأة وقال: — لن ننتظر حتى ينهار الجدار. علينا أن نتحرك قبله. نظرت إليه ليان بجدية: — لكنك لست مستعدًا. هو يتغذى من الخوف والضعف. أنت بحاجة لتقوية نفسك... ليس فقط جسدك، بل روحك. سأل الشيخ ناصر: — وكيف يكون ذلك؟ صمتت ليان لحظة، ثم قالت: — هناك مكان في عالمنا يُدعى "مرآة السكون". من يزره يرى أعمق مخاوفه، ويخرج إمّا أقوى... أو لا يخرج أبدًا. تبادلوا النظرات، الصمت يثقل صدورهم. كان واضحًا أن الطريق إلى "مرآة السكون" سيكون اختبارًا يسبق المواجهة الكبرى. في الخارج، هبّت رياح عاتية فجأة، كأن السماء نفسها سمعت قرارهم. تساقطت أوراق الشجر في دوامات غريبة، والمدينة غمرها برق متواصل بلا رعد. وقف مروان عند النافذة، يراقب العاصفة. همس لنفسه: — إذن بدأت اللعبة حقًا...

Comments (0)

Login to leave a comment

No comments yet. Be the first to share your thoughts!