Chapter 21: لقاء العدو

زهرة اللامرئي 330 words
دخل الثلاثة القصر المتحوّل، وكل خطوة فيه بدت وكأنها تُبتلع من قِبَل الفراغ. الجدران لم تكن صلبة، بل ستائر من ظلال تتماوج وتُظهر صورًا: وجوه أناس من الماضي، لحظات ألم، خيبات، وأحلام مكسورة. في وسط القاعة الكبرى، جلس عاصم على عرش من دخان أسود. لم يكن ضخمًا بقدر ما كان حاضرًا، عينيه جمرتان تتوهجان، وصوته يملأ القاعة دون أن يفتح فمه: — أخيرًا... قررتم مواجهة مصيركم. ليان تقدمت، عينيها تلمعان بالغضب: — هذه ليست معركتك وحدك يا عاصم، بل جريمة ضد عالمينا معًا. ضحك عاصم ضحكة طويلة ارتدت في أرجاء القصر: — جريمة؟ بل خلاص. أنتم لا تفهمون. اتحاد العوالم سيمنحنا قوة لا نهاية لها. البشر خائفون بطبيعتهم... ونحن نتغذى على الخوف. تقدّم مروان خطوة، قلبه يخفق لكنه لم يتراجع: — الخوف لا يُغذّي... إنه يدمّر. اخترتَ أن تكون سيدًا على الرماد بدلًا من أن تبني نورًا. التفت عاصم إليه، وصوته صار أكثر قسوة: — وأنت، أيها البشري... تظن نفسك مختلفًا؟ مجرد كاتب ضائع، لا تملك إلا أحلامًا مكسورة. ليان ستدرك قريبًا أنك عبء عليها. ليان قبضت على يد مروان بقوة: — خطأك أنك تظن الحب عبئًا. إنه ما يجعلني أقوى. سلمى رفعت دفترها، وبدأت تكتب بسرعة، ثم قرأت بصوت مسموع: — "في مواجهة الظلال، تقف الكلمات كجمرٍ يبدد العتمة." مع كلماتها، تراجعت بعض الظلال عن الجدران، وبدت القاعة أقل قتامة للحظة. لكن عاصم صرخ بصوت ارتجّت له الأرض: — تظنون أنكم تستطيعون إزاحتي بالكلمات والورود؟ أنتم لا تدركون نصف قوتي! وبحركة من يده، انشق العرش، واندفعت من الأرض كائنات مظلمة، أشكالها متغيرة: نصف إنسان، نصف وحش، عيونها مثل ثقوب سوداء. مروان قال وهو يواجه الكائنات: — هذه ليست سوى أوهام... لا تنسوا ذلك! ليان رفعت يديها، فأطلقت خيوطًا من نور أخضر صدّت الموجة الأولى. سلمى واصلت القراءة بصوت مرتجف لكنه ثابت. أما مروان، فواجه أقرب الكائنات وهو يقبض على الوردة، التي أضاءت فجأة بوميض أبيض حارق. صرخ عاصم، ليس غضبًا فقط، بل دهشة: — هذه الوردة... من أين لك بها؟ لكن مروان لم يملك جوابًا. كل ما شعر به أن الوردة صارت قلبًا نابضًا في يده، يرشده وسط الظلام.

Comments (0)

Login to leave a comment

No comments yet. Be the first to share your thoughts!