Chapter 9: أسرار البيت المهجور

زهرة اللامرئي 422 words
لم تفارق الكوابيس سلمى، ولم تفارق الظلال الشيخ ناصر، أما مروان فكان يعرف أن الخوف يزداد لأن الأسئلة لم تجد جوابًا. وحده البيت المهجور يملك مفاتيح ما يحدث، ذلك الذي بدأ فيه كل شيء. في صباح غائم، اجتمع الثلاثة في المقهى. بدا أن كلاً منهم أرهقه السهر، العيون مثقلة، والحديث يتردد بينهم ببطء. قال مروان، وهو يطرق الطاولة بأصابعه: — لا مفر. يجب أن نعود إلى البيت. رفعت سلمى رأسها بدهشة ممتزجة بغضب: — هل تمزح؟ بعد كل ما حدث؟ أجاب بصوتٍ ثابت: — إن بقي الأمر غامضًا، لن يرحمنا عاصم. إن أردنا فهمه، علينا مواجهة منبعه. تبادل الشيخ ناصر وسلْمى نظراتٍ مترددة، ثم تنهد الشيخ وقال: — البيت ليس بيتًا عادياً، بل عقدة بين العالمين. دخلتَه فصرتَ مكشوفًا. الآن، لو دخلنا نحن، قد نجد الإجابة... أو نجد نهايتنا. سلمى أطرقت رأسها، ثم رفعت عينيها بعزمٍ مفاجئ: — إذن لنذهب معًا. كان الغروب يوشك أن يسقط حين وقفوا أمام البيت. الجدران المتصدعة بدت أكثر كآبة مما يذكر مروان، والنوافذ كعيونٍ مظلمة تراقبهم. حمل الشيخ بيده مصحفًا صغيرًا، بينما تمسكت سلمى بدفترها، كأن الكتابة قد تكون سلاحًا أو درعًا. دفع مروان الباب، فأصدر صريرًا طويلًا، ودخلوا. الهواء في الداخل أثقل، رائحة تراب ورطوبة تخلط مع إحساسٍ خفي بالانتظار. تقدموا بخطوات مترددة في الممر، حتى وصلوا إلى الغرفة التي شهدت لقاء مروان الأول بليان. فجأة، همست سلمى: — انظروا إلى الجدار. على الحائط، بين الشقوق، ظهرت خطوط باهتة تشبه الكتابة. اقترب مروان، مرر أصابعه عليها، فإذا بها تضيء للحظة كأنها حروف من نور. قرأ بصوتٍ مرتجف: — "كل مَن يكتب بالدم أو الحبر يفتح بابًا، وكل باب يطلب ضريبة." تجمدت الكلمات في حلقه. نظر إلى سلمى، فوجدها ترتجف. — هذا... يعني أن كتاباتي؟ هز الشيخ رأسه ببطء: — نعم. ما كتبتَه لم يكن محض خيال. كلماتك كانت المفتاح، وليان كانت الجواب. صرخت سلمى فجأة: — انظروا! من زاوية الغرفة، تجمعت الظلال، شكلت دائرة كأنها فم مفتوح على عمقٍ لا نهاية له. ومن داخل الدائرة، برزت يد سوداء طويلة، أصابعها كالخناجر. رفع الشيخ صوته بالذكر، فتراجع الظل قليلاً. لكن اليد لم تختفِ. بل زاد عددها، عشرات الأذرع السوداء تمتد من الجدار نحوهم. صرخت سلمى، تراجعت للخلف. أما مروان، فوقف ثابتًا، كأن الرعب لم يعد يعنيه. مد يده نحو الدائرة وقال بصوتٍ عالٍ: — إن كنتَ تريدني أنا، فخذني وحدي! ارتجت الغرفة، كأنها تفهمت عرضه. انكمشت الأذرع للحظة، ثم انطلقت بقوة أكبر، كأنها تبتلع كل شيء. لكن فجأة، شعاع أزرق اخترق الظلام، نفس الضوء الذي يعرفه جيدًا. التفت، فوجد ليان واقفة عند العتبة، وجهها مشرق، عيناها تلتمعان بعزمٍ لم يره من قبل. — لن تلمسوه. — قالت بصوتٍ يملأ المكان. وتراجعت الأذرع، كأنها انصاعت لأمرٍ أعلى

Comments (0)

Login to leave a comment

No comments yet. Be the first to share your thoughts!