Chapter 14: اعتراف ليان
زهرة اللامرئي
دينا عزيز
9/17/2025
386 words
كانت الغرفة مشبعة بصمتٍ خانق بعد اعتراف مروان باسم "عاصم". سلمى ما زالت تحدق في دفترها، والشيخ ناصر يقبض على مسبحته بيدٍ ترتجف، بينما يحاول مروان أن يلتقط أنفاسه.
فجأة، تحرّكت ستارة النافذة دون هواء. ارتجف الضوء في المصباح، ثم ظهرت ليان عند زاوية الغرفة، كأنها نُسجت من ضوء الفجر. ملامحها بدت شاحبة أكثر من أي وقت مضى.
قالت بصوتٍ متوتر:
— لم يعد هناك وقت للاختباء... أنتم الآن في الدائرة.
قفز مروان واقفًا:
— ليان! أين كنتِ؟! هل تعلمين ما الذي يحدث لهم؟
نظرت إليه بعينين يغمرهما الأسى، ثم إلى سلمى والشيخ ناصر. تنهدت بعمق، كأنها تحمل ثقلًا يفوقها.
— يجب أن تعرفوا الحقيقة.
اقتربت، جلست على حافة الطاولة، وأمسكت الوردة السوداء التي جاء بها الشيخ ناصر. بتلاتها احترقت عند لمس أصابعها، لكنها لم تتألم.
— عاصم ليس مجرد جني قديم... إنه واحد من "الحُجّاب".
نظر الثلاثة إليها في حيرة.
سلمى همست:
— الحُجّاب؟
أومأت ليان:
— في عالمنا، هناك مجلس من أرواح قديمة، مهمتهم حماية الحاجز بين البشر والجن. لكن بعضهم فسد. عاصم كان يومًا حارسًا، ثم صار طامعًا، يريد كسر القوانين القديمة. هو لا يطمع بي وحدي، بل يريد أن يثبت أن البشر يمكن إخضاعهم لعالمه. أنتم الآن جزء من لعبته.
سكتت لحظة، ثم أضافت بنبرة مريرة:
— علاقتي بمروان أعطته ذريعة. سيقول إنني خنت القوانين... وسيستخدم ذلك ليفتح الباب بين عالمينا.
أحس مروان بثقل الكلمات، فقال:
— ماذا سيحدث إن فتح الباب؟
أجابت بصوت منخفض:
— الفوضى. أرواحنا ستتداخل مع أجسادكم. ستنهار العوالم، ويختفي الفرق بين الإنسان والجني. لكن... لن تكون حياة، بل ظلالًا متصارعة.
شهقت سلمى:
— هذا جنون.
رفع الشيخ ناصر رأسه، صوته مبحوح لكنه ثابت:
— إذن علينا أن نمنعه.
هزت ليان رأسها بأسى:
— أنتم لا تفهمون. من يواجه عاصم يخاطر بالذوبان. حتى أنا... لو تحديته علنًا، قد يُلغيني.
اقترب منها مروان، أمسك يديها، وقال بعزم:
— لا يهم. سأواجهه معك.
ارتجفت عيناها بدموعٍ لمعت كنجوم بعيدة. همست:
— لهذا أحبك... ولأجل هذا أخاف عليك.
ثم نظرت إلى سلمى والشيخ ناصر:
— لكنكما ستدفعان الثمن أيضًا. أنصحكما بالابتعاد.
سلمى ردّت بعناد:
— لا. إن كنتِ حقًا تحبين مروان، فلن نتركه وحيدًا.
ابتسم الشيخ ناصر ابتسامة باهتة:
— العزلة لا تنجي أحدًا. إن قدّر الله لنا أن نُختبر، فلن نختبئ.
ساد صمت قصير، كأن الجميع أدرك أنهم صاروا جبهة واحدة. عندها فقط، شعرت ليان بشيء من السكينة.
لكنها ختمت حديثها بتحذير:
— استعدوا... الهجوم القادم لن يكون مجرد ظلال.
Advertisement
No comments yet. Be the first to share your thoughts!